فن الحوار مع الابناء
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
فن الحوار مع الابناء
Displaying all 9 posts.الأستاذة مايسة الجوهرى
فن الحوار مع الأبناء
* هناك أزمة كبيرة في البيوت الآن تسمى أزمة " فقدان لغة الحوار
يكاد لا يكون هناك أي حوار بين أفراد الأسرة . وعندما نسمع حوارا بين الوالدين وبين الأبناء يكون عبارة عن أمر ونهي ونقد من قبل الوالدين ، وغضب وصوت مرتفع باستمرار من قبل الأبناء ، فلا أحد يستمع للآخر ، وكل طرف يعتقد أنه على صواب ، وأما الطرف الآخر فهو على خطأ .
* وإذا سألت الوالدين أين الخطأ ؟ يكون الرد : أكيد الخطأ في الأبناء ، لأنهم لا يسمعون ما نقول ، ولا ينفذون ما نطلبه منهم ، وعندما نوجه نفس السؤال إلى الأبناء ، يكون الرد : الخطأ في الوالدين ، فنحن لا نجد من يستمع لنا ، ولا أحد يفهمنا ، ولا أحد يدرك مشاعرنا أو يقدر تفكيرنا واحتياجاتنا .
** فهيا بنا أيها الآباء والأمهات نعود للغة الحوار والإقناع داخل الأسرة ، ففي القرآن أكثر من ألف موقف حواري ، فلماذا لا ينشأ حوار مع الأبناء ؟
ولنا في رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ خير مثال .
* فقد ضرب لنا النبي الكريم ـ صلى الله عليه وسلم ـ خير مثال في الحوار والإقناع في الحديث مع المراهق ، فكلنا يعرف قصة الشاب الذي جاء إليه ـ صلى الله عليه وسلم ـ كي يستأذن في الزنا ! فماذا فعل النبي ـ المعلم الرحيم ـ ـ صلى الله عليه وسلم ـ مع هذا الشاب ؟ وكيف أقنعه بوجهة نظره ؟ وكيف جاء إليه الشاب والزنا أحب شيء إلى قلبه ، ثم خرج من عنده وقد أصبح الزنا أبغض شيء إلى قلبه .
* لن نقف هنا على نص الحوار ـ وذلك لأن الكل يعلمه ـ ولكن سوف نقف عند تحليل هذا الحوار .......
فلتسمحوا لي أن أطرح سؤالا على كل من الوالدين : إذا جاء إليك ابنك في أحد الأيام وقال لك : أبي ـ أمي ـ : أريد أن أزني ! فهل تسمحان لي بالزنا ؟ ............!!!!!!!
أولا : هل هناك مساحة حقيقية من المصارحة بين الوالدين والأبناء تسمح لأحد الأبناء بأن يطرح هذا السؤال على الوالدين ؟
ثانيا : هل يستأذن الأبناء فعلا من الوالدين عند القيام بعمل ما ـ من الممكن أن يقوموا به في السر ، ودون أن يعلم أحد ـ قبل القيام به ؟
ثالثا : هل هناك حلقة حوار ونقاش ـ حقا ـ بين الأبناء والوالدين ؟
رابعا : هل يستخدم الوالدين أسلوب الحوار والإقناع في الحديث مع الأبناء ؟
خامسا : ماذا سيكون الرد الفعلي من جانب الوالدين ؟
؟ هل سيكون الرد : بالضرب والرفس واللكمات
أم بسيل من السب واللعن والشتائم والتوبيخ ؟
أم يكون الرد بأن نُشهد الآخرين على هذا الفاسق الفاسد العاصي الذي يريد أن يجلب ا لعار للأسرة كلها ؟ !
أم سيكون الرد مثل رد الحبيب المصطفى ـ صلوات ربي وسلامه عليه ـ بالحوار والإقناع .
فلنقف برهة سويا عند هذا الحوار ...........
1 ـ جاء هذا الشاب إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كي يُفضي له عما بداخله .... فلماذا ؟
لأنه أدرك أن هناك حلقة اتصال بين النبي ـ الأب الحنون ـ وبين أفرد الأمة .
ولأنه أدرك أن هناك مساحة للحوار والنقاش بينه وبين ومن هو مسئول عنه ( النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ) .
ولأنه أدرك أن النبي الكريم ـ صلى الله عليه وسلم ـ يمتاز بحسن الاستماع والإنصات .
ولأنه أدرك أن النبي العظيم ـ صلى الله عليه وسلم ـ يفهم ويدرك معاناة الشباب .
ولأنه أدرك أن النبي الكريم ـ صلى الله عليه وسلم ـ لا يعنف ولا يوبخ ولا يزجر ولا ينهر .
ولأنه أدرك أن النبي الكريم ـ صلى الله عليه وسلم ـ يختار أطايب الكلام .
ولأنه أدرك أن النبي الكريم ـ صلى الله عليه وسلم ـ يريد له الخير وللأمة جمعاء .
2 ـ لم يجد هذا الشاب حرجا في نفسه أن يستأذن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في هذه الفاحشة .............. لماذا ؟
لأنه تربى في بيت من بيوت المدينة ، بيت يتقي الله تعالى في كل شي ء .
ولأنه صريح مع نفسه ، ومع غيره .
ولأنه لا يحب الخداع والتدليس والكذب .
ولأنه لا يحب فعل المعصية في السر والخفاء .
ولأنه تربى على مخافة الله تعالى .
ولأنه تعلم أدب الاستئذان من الأكبر منه ـ سواء في السن أو في المكانة ـ قبل القيام بشيء .
ولأنه تعلم أدب الحوار والنقاش ( وخاصة من القدوة ) .
3 ـ عندما قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ " ادنه " ( اقترب مني ) وأجلسه إلى جواره .
هنا شعر الفتى بحب النبي الكريم ـ صلى الله عليه وسلم ـ وحرصه عليه .
عندما أجلسه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى جواره شعر بالمساواة ، وشعر أنها مجالسة حب وود ، وليست مجالسة اتهام ، أو مجالسة توجيهات .
وهنا يقول بعض المحللين عن أنواع المجالسة عند الحوار .........
أ ـ المجالسة المعتدلة : بأن يكون المتحاورين في نفس مستوى الجلسة ، وهذا هو وضع الصديق مع صديقه ، حيث يشعر كل منهما باهتمام الآخر وحبه وتقديره .
ب ـ المجالسة التحتية : أن يكون الشاب جالس والمحاور له واقف ، فهنا يشعر أنه في وضع المتهم ، والذي يحاوره كأنه " محقق " ، وكأنه ينتظر منه أن يوجه له أي نوع من أنواع الضرب ؛ لأنه في وضع أعلى منه .
ج ـ المجالسة الفوقية : بأن يكون الشاب واقف والمحاور له جالس ، فهنا يشعر الشاب بأنه في وضع التلميذ الضعيف المخطئ ، والمحاور له في وضع المعلم الذي يملي عليه الأوامر والتعليمات ، كما أنه يرسل له رسالة بأنه أعلى منه ويفهم أكثر منه .
فنجد هنا أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ اختار النوع الأول ؛ وهو أفضل الأنواع .
4 ـ لم يبدأ النبي الكريم ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالزجر ، والنهي ، وإلقاء اللوم عليه ، فلم يقل له النبي الكريم ـ صلى الله عليه وسلم ـ إنك مخطئ وتفكيرك خاطئ وهذه معصية كبيرة تؤدي بك إلى نار جهنم ، فعندما لم ينهره النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في أول الحوار ، شعر الفتى أن النبي معه وليس ضده .
وهنا يقول أحد المربين : إذا جاء إليك ولدك يشتكي من أمر ما فلا تبدأ بالهجوم عليه من أول الحوار ، حتى وإن كان هو المخطئ ، فلا تقل له إنك مخطئ من البداية ؛ لأن ذلك سوف يمنعه من أن يكمل حديثه معك ، أو أنه سوف يخفي بعض الكلمات ؛ لأنه يشعر أنك ضده ولست معه في صفه ، لأنك هاجمته من قبل أن تستمع إلى كل الكلام ، ويكون هذا قاطع للاتصال بينك وبينه .
5 ـ بدأ النبي المعلم ـ صلوات ربي وسلامه عليه ـ حواره مع الفتى باستثارة العواطف ؛ عندما سأله : " أتحبه لأمك ؟ " .
فلماذا بدأ بالحديث عن الأم ؟
أ لِأنها أقرب الناس إلى قلب الفتى ؟
أم لأنها أطهر وأعف الناس عنده ؟
أم لأنها آخر شخص قد يقبل عليه أي معصية أو خطأ ؟
كل هذا ، بل وأكثر منه !
6 ـ استمع النبي الكريم ـ صلى الله عليه وسلم ـ للرد من الفتى ، فكان الرد الطبيعي منه " لا " .
فهنا لم يكن الحوار من طرف واحد ، بل جعل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ الفتى يشاركه الحديث والرأي . فمن الأفضل أن يصل الفتى إلى النتيجة بنفسه ، لا أن تفرض عليه.
7 ـ بدأ النبي الكريم بالحديث مع الفتى عن نفسه ومحارمه ، ثم تحدث عن باقي الناس ، عندما قال : " أتحبه لأمك ؟ " ثم قال : " وكذلك الناس لا يحبونه لأمهاتهم "
وهنا أ وصل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ رسالتين للفتى :
أ ـ أن تفكيره مثل تفكير الآخرين ، وأنه ليس بشاذ عن باقي الناس ؛ بما أنه يرفضه ، كذلك الناس ترفضه .
ب ـ أن على المسلم أن يحب لغيره ما يحب لنفسه ، وأن يكره لغيره ما يكره لنفسه .
8 ـ أطال النبي الحبيب ـ صلوات ربي وسلامه عليه ـ الحديث مع الفتى ولم يشعر بالملل أو الضيق ، ولم ينه الحديث سريعا ، فكان عنده من الصبر وسعة الصدر ما سمح للفتى أن يحدثه بكل ما في قلبه .
9 ـ لم يفرغ النبي الكريم ـ صلى الله عليه وسلم ـ من الحديث حتى شعر أن الفتى قد اقتنع .
10 ـ وضع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يده على صدر الفتى ، وهنا تأتي لغة الجسد ، ولغة اللمس ، فشعر الفتى بحب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ له ، وشعر بالحنان ودفئ العلاقة بينهما .
وهنا يقول بعض المربين عن أهمية لغة اللمس ............... .
* اللمسة هي لغة الجسم .
* كل لمسة لها معنى وأثر معين .
* هذه اللمسات مؤثرة ، وتكسر الحواجز الجليدية بين الوالدين والأبناء .
* اللمسة هي تعبير عن علاقة المحبة بين الوالدين والأبناء .
* هناك 198 لمسة من أعلى الرأس إلى أسفل القدمين .
* مثلا : لمسة ظهر الكف على الخد هي لمسة حب .
لمسة الأصابع والكف على الرأس والشعر لمسة استرخاء وراحة .
لمسة الإصبع على الحاجب لمسة تمسح الألم والحزن .
مسح اليد على الظهر لمسة تُشعر بالأمان .
وضع اليد على الكتف لمسة تُشعر بالاهتمام .
وضع الكف في الكف لمسة تُشعر بالألفة والقرب ...........
11 ـ دعا النبي الكريم ـ صلى الله عليه وسلم ـ للفتى وقال : " اللهم اغفر ذنبه ، وطهر قلبه ، وحصن فرجه . "
استخدم النبي الكريم ـ صلى الله عليه وسلم ـ لغة الدعاء ؛ مما جعل الفتى يشعر بمدى حب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ له ، وحرصه عليه .
وهنا جعل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ الفتى نفسه هو الذي ينفر من هذا الأمر الفاحش الذي جاء من أجل أن يستأذن فيه ! حتى أنه خرج من عند النبي الكريم ـ صلى الله عليه وسلم ـ والزنا هو أبغض الأشياء إلى قلبه .
أين نحن من سنة الحبيب المصطفى ـ صلوات ربي وسلامه عليه ـ وسيرته ؟
هل منا من يطبق هذا مع أبنائه ؟
هل منا من يحاور ويناقش ، بل ويقنع أبناءه ؟
هل منا من يملك ملكة الصبر وطول البال ، عند الحديث مع الأبناء إلى هذه الدرجة ؟
هل منا من يتمالك نفسه ويملك أعصابه ، عندما يستأذنه ابنه في ارتكاب الفاحشة ؟
هل منا من عنده مساحة من المصارحة والمكاشفة بينه وبين أبنائه ؟
هل منا من يهتم بلغة الجسم واللمس ؟
هل منا من يجلس مع أبنائه مجالسة صداقة وحب وود ؟
هكذا كان النبي الكريم ـصلى الله عليه وسلم ـ مع جميع أفراد أمته ، فالإقتداء به ، وإتباع سنته أصل من أصول ديننا الحنيف ، قال الله ـ عز وجل ـ : ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً ) " الأحزاب:21"
مايــــــســـــــة الجوهرى
فن الحوار مع الأبناء
* هناك أزمة كبيرة في البيوت الآن تسمى أزمة " فقدان لغة الحوار
يكاد لا يكون هناك أي حوار بين أفراد الأسرة . وعندما نسمع حوارا بين الوالدين وبين الأبناء يكون عبارة عن أمر ونهي ونقد من قبل الوالدين ، وغضب وصوت مرتفع باستمرار من قبل الأبناء ، فلا أحد يستمع للآخر ، وكل طرف يعتقد أنه على صواب ، وأما الطرف الآخر فهو على خطأ .
* وإذا سألت الوالدين أين الخطأ ؟ يكون الرد : أكيد الخطأ في الأبناء ، لأنهم لا يسمعون ما نقول ، ولا ينفذون ما نطلبه منهم ، وعندما نوجه نفس السؤال إلى الأبناء ، يكون الرد : الخطأ في الوالدين ، فنحن لا نجد من يستمع لنا ، ولا أحد يفهمنا ، ولا أحد يدرك مشاعرنا أو يقدر تفكيرنا واحتياجاتنا .
** فهيا بنا أيها الآباء والأمهات نعود للغة الحوار والإقناع داخل الأسرة ، ففي القرآن أكثر من ألف موقف حواري ، فلماذا لا ينشأ حوار مع الأبناء ؟
ولنا في رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ خير مثال .
* فقد ضرب لنا النبي الكريم ـ صلى الله عليه وسلم ـ خير مثال في الحوار والإقناع في الحديث مع المراهق ، فكلنا يعرف قصة الشاب الذي جاء إليه ـ صلى الله عليه وسلم ـ كي يستأذن في الزنا ! فماذا فعل النبي ـ المعلم الرحيم ـ ـ صلى الله عليه وسلم ـ مع هذا الشاب ؟ وكيف أقنعه بوجهة نظره ؟ وكيف جاء إليه الشاب والزنا أحب شيء إلى قلبه ، ثم خرج من عنده وقد أصبح الزنا أبغض شيء إلى قلبه .
* لن نقف هنا على نص الحوار ـ وذلك لأن الكل يعلمه ـ ولكن سوف نقف عند تحليل هذا الحوار .......
فلتسمحوا لي أن أطرح سؤالا على كل من الوالدين : إذا جاء إليك ابنك في أحد الأيام وقال لك : أبي ـ أمي ـ : أريد أن أزني ! فهل تسمحان لي بالزنا ؟ ............!!!!!!!
أولا : هل هناك مساحة حقيقية من المصارحة بين الوالدين والأبناء تسمح لأحد الأبناء بأن يطرح هذا السؤال على الوالدين ؟
ثانيا : هل يستأذن الأبناء فعلا من الوالدين عند القيام بعمل ما ـ من الممكن أن يقوموا به في السر ، ودون أن يعلم أحد ـ قبل القيام به ؟
ثالثا : هل هناك حلقة حوار ونقاش ـ حقا ـ بين الأبناء والوالدين ؟
رابعا : هل يستخدم الوالدين أسلوب الحوار والإقناع في الحديث مع الأبناء ؟
خامسا : ماذا سيكون الرد الفعلي من جانب الوالدين ؟
؟ هل سيكون الرد : بالضرب والرفس واللكمات
أم بسيل من السب واللعن والشتائم والتوبيخ ؟
أم يكون الرد بأن نُشهد الآخرين على هذا الفاسق الفاسد العاصي الذي يريد أن يجلب ا لعار للأسرة كلها ؟ !
أم سيكون الرد مثل رد الحبيب المصطفى ـ صلوات ربي وسلامه عليه ـ بالحوار والإقناع .
فلنقف برهة سويا عند هذا الحوار ...........
1 ـ جاء هذا الشاب إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كي يُفضي له عما بداخله .... فلماذا ؟
لأنه أدرك أن هناك حلقة اتصال بين النبي ـ الأب الحنون ـ وبين أفرد الأمة .
ولأنه أدرك أن هناك مساحة للحوار والنقاش بينه وبين ومن هو مسئول عنه ( النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ) .
ولأنه أدرك أن النبي الكريم ـ صلى الله عليه وسلم ـ يمتاز بحسن الاستماع والإنصات .
ولأنه أدرك أن النبي العظيم ـ صلى الله عليه وسلم ـ يفهم ويدرك معاناة الشباب .
ولأنه أدرك أن النبي الكريم ـ صلى الله عليه وسلم ـ لا يعنف ولا يوبخ ولا يزجر ولا ينهر .
ولأنه أدرك أن النبي الكريم ـ صلى الله عليه وسلم ـ يختار أطايب الكلام .
ولأنه أدرك أن النبي الكريم ـ صلى الله عليه وسلم ـ يريد له الخير وللأمة جمعاء .
2 ـ لم يجد هذا الشاب حرجا في نفسه أن يستأذن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في هذه الفاحشة .............. لماذا ؟
لأنه تربى في بيت من بيوت المدينة ، بيت يتقي الله تعالى في كل شي ء .
ولأنه صريح مع نفسه ، ومع غيره .
ولأنه لا يحب الخداع والتدليس والكذب .
ولأنه لا يحب فعل المعصية في السر والخفاء .
ولأنه تربى على مخافة الله تعالى .
ولأنه تعلم أدب الاستئذان من الأكبر منه ـ سواء في السن أو في المكانة ـ قبل القيام بشيء .
ولأنه تعلم أدب الحوار والنقاش ( وخاصة من القدوة ) .
3 ـ عندما قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ " ادنه " ( اقترب مني ) وأجلسه إلى جواره .
هنا شعر الفتى بحب النبي الكريم ـ صلى الله عليه وسلم ـ وحرصه عليه .
عندما أجلسه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى جواره شعر بالمساواة ، وشعر أنها مجالسة حب وود ، وليست مجالسة اتهام ، أو مجالسة توجيهات .
وهنا يقول بعض المحللين عن أنواع المجالسة عند الحوار .........
أ ـ المجالسة المعتدلة : بأن يكون المتحاورين في نفس مستوى الجلسة ، وهذا هو وضع الصديق مع صديقه ، حيث يشعر كل منهما باهتمام الآخر وحبه وتقديره .
ب ـ المجالسة التحتية : أن يكون الشاب جالس والمحاور له واقف ، فهنا يشعر أنه في وضع المتهم ، والذي يحاوره كأنه " محقق " ، وكأنه ينتظر منه أن يوجه له أي نوع من أنواع الضرب ؛ لأنه في وضع أعلى منه .
ج ـ المجالسة الفوقية : بأن يكون الشاب واقف والمحاور له جالس ، فهنا يشعر الشاب بأنه في وضع التلميذ الضعيف المخطئ ، والمحاور له في وضع المعلم الذي يملي عليه الأوامر والتعليمات ، كما أنه يرسل له رسالة بأنه أعلى منه ويفهم أكثر منه .
فنجد هنا أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ اختار النوع الأول ؛ وهو أفضل الأنواع .
4 ـ لم يبدأ النبي الكريم ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالزجر ، والنهي ، وإلقاء اللوم عليه ، فلم يقل له النبي الكريم ـ صلى الله عليه وسلم ـ إنك مخطئ وتفكيرك خاطئ وهذه معصية كبيرة تؤدي بك إلى نار جهنم ، فعندما لم ينهره النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في أول الحوار ، شعر الفتى أن النبي معه وليس ضده .
وهنا يقول أحد المربين : إذا جاء إليك ولدك يشتكي من أمر ما فلا تبدأ بالهجوم عليه من أول الحوار ، حتى وإن كان هو المخطئ ، فلا تقل له إنك مخطئ من البداية ؛ لأن ذلك سوف يمنعه من أن يكمل حديثه معك ، أو أنه سوف يخفي بعض الكلمات ؛ لأنه يشعر أنك ضده ولست معه في صفه ، لأنك هاجمته من قبل أن تستمع إلى كل الكلام ، ويكون هذا قاطع للاتصال بينك وبينه .
5 ـ بدأ النبي المعلم ـ صلوات ربي وسلامه عليه ـ حواره مع الفتى باستثارة العواطف ؛ عندما سأله : " أتحبه لأمك ؟ " .
فلماذا بدأ بالحديث عن الأم ؟
أ لِأنها أقرب الناس إلى قلب الفتى ؟
أم لأنها أطهر وأعف الناس عنده ؟
أم لأنها آخر شخص قد يقبل عليه أي معصية أو خطأ ؟
كل هذا ، بل وأكثر منه !
6 ـ استمع النبي الكريم ـ صلى الله عليه وسلم ـ للرد من الفتى ، فكان الرد الطبيعي منه " لا " .
فهنا لم يكن الحوار من طرف واحد ، بل جعل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ الفتى يشاركه الحديث والرأي . فمن الأفضل أن يصل الفتى إلى النتيجة بنفسه ، لا أن تفرض عليه.
7 ـ بدأ النبي الكريم بالحديث مع الفتى عن نفسه ومحارمه ، ثم تحدث عن باقي الناس ، عندما قال : " أتحبه لأمك ؟ " ثم قال : " وكذلك الناس لا يحبونه لأمهاتهم "
وهنا أ وصل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ رسالتين للفتى :
أ ـ أن تفكيره مثل تفكير الآخرين ، وأنه ليس بشاذ عن باقي الناس ؛ بما أنه يرفضه ، كذلك الناس ترفضه .
ب ـ أن على المسلم أن يحب لغيره ما يحب لنفسه ، وأن يكره لغيره ما يكره لنفسه .
8 ـ أطال النبي الحبيب ـ صلوات ربي وسلامه عليه ـ الحديث مع الفتى ولم يشعر بالملل أو الضيق ، ولم ينه الحديث سريعا ، فكان عنده من الصبر وسعة الصدر ما سمح للفتى أن يحدثه بكل ما في قلبه .
9 ـ لم يفرغ النبي الكريم ـ صلى الله عليه وسلم ـ من الحديث حتى شعر أن الفتى قد اقتنع .
10 ـ وضع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يده على صدر الفتى ، وهنا تأتي لغة الجسد ، ولغة اللمس ، فشعر الفتى بحب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ له ، وشعر بالحنان ودفئ العلاقة بينهما .
وهنا يقول بعض المربين عن أهمية لغة اللمس ............... .
* اللمسة هي لغة الجسم .
* كل لمسة لها معنى وأثر معين .
* هذه اللمسات مؤثرة ، وتكسر الحواجز الجليدية بين الوالدين والأبناء .
* اللمسة هي تعبير عن علاقة المحبة بين الوالدين والأبناء .
* هناك 198 لمسة من أعلى الرأس إلى أسفل القدمين .
* مثلا : لمسة ظهر الكف على الخد هي لمسة حب .
لمسة الأصابع والكف على الرأس والشعر لمسة استرخاء وراحة .
لمسة الإصبع على الحاجب لمسة تمسح الألم والحزن .
مسح اليد على الظهر لمسة تُشعر بالأمان .
وضع اليد على الكتف لمسة تُشعر بالاهتمام .
وضع الكف في الكف لمسة تُشعر بالألفة والقرب ...........
11 ـ دعا النبي الكريم ـ صلى الله عليه وسلم ـ للفتى وقال : " اللهم اغفر ذنبه ، وطهر قلبه ، وحصن فرجه . "
استخدم النبي الكريم ـ صلى الله عليه وسلم ـ لغة الدعاء ؛ مما جعل الفتى يشعر بمدى حب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ له ، وحرصه عليه .
وهنا جعل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ الفتى نفسه هو الذي ينفر من هذا الأمر الفاحش الذي جاء من أجل أن يستأذن فيه ! حتى أنه خرج من عند النبي الكريم ـ صلى الله عليه وسلم ـ والزنا هو أبغض الأشياء إلى قلبه .
أين نحن من سنة الحبيب المصطفى ـ صلوات ربي وسلامه عليه ـ وسيرته ؟
هل منا من يطبق هذا مع أبنائه ؟
هل منا من يحاور ويناقش ، بل ويقنع أبناءه ؟
هل منا من يملك ملكة الصبر وطول البال ، عند الحديث مع الأبناء إلى هذه الدرجة ؟
هل منا من يتمالك نفسه ويملك أعصابه ، عندما يستأذنه ابنه في ارتكاب الفاحشة ؟
هل منا من عنده مساحة من المصارحة والمكاشفة بينه وبين أبنائه ؟
هل منا من يهتم بلغة الجسم واللمس ؟
هل منا من يجلس مع أبنائه مجالسة صداقة وحب وود ؟
هكذا كان النبي الكريم ـصلى الله عليه وسلم ـ مع جميع أفراد أمته ، فالإقتداء به ، وإتباع سنته أصل من أصول ديننا الحنيف ، قال الله ـ عز وجل ـ : ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً ) " الأحزاب:21"
مايــــــســـــــة الجوهرى
مايسة الجوهرى- عضو جديــــد
- عدد المساهمات : 7
تاريخ التسجيل : 13/12/2010
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى